اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 467
والشواهد فَأَبَى وامتنع الظَّالِمُونَ الخارجون عن مقتضى العقل والنقل عن قبول الحق المطابق للواقع وبالجملة ما يزيدهم وروده ووضوحه إِلَّا كُفُوراً جحودا وإنكارا للحق لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم متوهمين نفاد قدرة الله عند مراده وانقضاء تمكنه واقتداره لدى المقدور
قُلْ للمنكرين المتوهمين نفاد قدرة الله وانصرام حوله وقوته عن مراده لا تقيسوا الغائب على الشاهد ولا تتوهموا الشح والبخل والعجز والاضطرار في حق الله بل الكل انما هو من اوصافكم وخواصكم إذ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي مع سعتها وفسحتها وعدم نفادها وتناهيها أصلا إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ وبخلتم خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ ومحافة النفاد بالإنفاق سيما بلا وضع شيء بدل ما ينفق وَبالجملة قد كانَ الْإِنْسانُ خلق في اصل فطرته قَتُوراً ممسكا لازدحام لوازم الإمكان واسباب الافتقار فيه إذ هو أحوج المظاهر وابعدهم عن الوحدة الذاتية إذ الإنسان آخر نقطة قوس الإمكان وهي نهاية الكثرة ويصير هو ايضا بعينه أول نقطة قوس الوجوب ان انخلع عن ملابس الإمكان وتجرد عنها بالمرة وترقى الى مدارج معارجه بلا شوب شين ونقصان
وَمن جملة كفورية الإنسان وقتوريته انا لَقَدْ آتَيْنا من سعة رحمتنا وكمال حولنا وقدرتنا مُوسى المؤيد من عندنا تِسْعَ آياتٍ ومعجزات بَيِّناتٍ واضحات دالة على صدقه في رسالته وحقيته في نبوته ألا وهي العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والضفادع والدم وانفجار الماء من الحجر وانفلاق البحر ونتق الجبل فوقهم وان شئت يا أكمل الرسل زيادة إيضاح والزام لمشركي اليهود فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ اى بقية أحبارهم ليخبروك وقت إِذْ جاءَهُمْ موسى من قبل مدعيا النبوة ومظهرا المعجزات المذكورة يعنى سلهم عما مضى بينه وبين فرعون وبينه وبين قومه ايضا فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ بعد ما رأى منه ما رأى من الخوارق بدل الايمان والإطاعة إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى بعد ما جئت بسحر عظيم وكيد كبير وهو وان كان من كمال العقل والدراية الكاملة انا اعتقدك مَسْحُوراً مجنونا مخبطا مختل العقل والرأى بادعائك الرسالة والنبوة من خالق السماء وبنزول الملك والصحف إليك من لدنه مع انسداد الطرق وانعدام السبل ثم لما سمع موسى من فرعون ما سمع ايس من إيمانه وقنط وحينئذ
قالَ موبخا عليه مقرعا والله لَقَدْ عَلِمْتَ يقينا ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ الآيات القاهرة الباهرة الى إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إذ هي خارجة عن وسع غيره مطلقا وعلمت ايضا انه ما أنزلها الا بَصائِرَ اى بينات وشواهد دالة على صدقى في دعواي لأبصرك وأوقظك عن منام غفلتك وتتفطن أنت بها لأصل فطرتك وجبلتك وَإِنِّي بعد ما قد بالغت في تبليغ ما جئت به من الهداية والإرشاد فلم تصدقني ولم تقبل منى ولم تؤمن على لَأَظُنُّكَ واعتقدك يا فِرْعَوْنُ المتناهي في الغفلة والغرور مَثْبُوراً مصروفا عن الخير كله مطرودا عن ساحة عز الحضور مجبولا على الشر ودواعيه مطلقا وبعد ما رأى فرعون من موسى ما رأى من المعجزات الواضحة خاف ان يميل اليه قومه ويؤمنوا له
فَأَرادَ وقصد فرعون أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ اى بنى إسرائيل ويستأصلهم بان يحركهم أولا مِنَ الْأَرْضِ اى ارض مصر ويفرقهم بحيث لا يتأتى منهم المقاومة معه أصلا ثم يأمر بقتل كل فرقة فرقة منهم مكرا منه وكيدا فمكرنا له قبل مكره إياهم فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ كانوا متفقين مَعَهُ في مكره وكيده جَمِيعاً حين أمرنا موسى ومن معه بالفرار ليلا فأخبر هو واتبع اثره فلقى موسى البحر وهو على عقبه فامرتا موسى حينئذ بضرب البحر بالعصا فضربه
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 467